ــ الووووووووو
ــ نعم ، من معي ؟
ــ معك صديقك محي الدين ، أقول ، هل ذهب ولدك عبد الرحمن إلى الثانوية اليوم ؟
ــ نعم ذهب باكراً ، خير إن شاء الله ، تكلم هل أصابه مكروه ؟
ــ الحمد لله جات سليمة تعرض لحادث سير بسيط وهو الآن يرقد في المستشفى .
انطلق أبو عبد الرحمن مسرعا برفقة زوجته المسكينة التي كادت تجن من هول الخبر، إن عبد الرحمن ولدهما الوحيد ، وضع أبو عبد الرحمن زوجته في الطوارئ بعد إن فقدت الوعي، وأخذ هو يبحث بنفسه عن ولده عبد الرحمن في أقسام المستشفى ( الاستعلامات ، الطوارئ ،قسم العظام ...) والأطباء يؤكدون له أنه لا يوجد مريض في المستشفى بهذا الاسم بل لم يستقبلوا أي حالات حوادث سير خلال هذا اليوم .
في آخر الأمر طلع الموضوع كله ( كذبة إبريل )
عبد الرحمن في صفه على مقعد الدراسة ، وأمه ترقد على سريرها الأبيض في المستشفى، فهناك احتمال إصابتها بجلطة دماغية ، وقطيعة كاملة بين أبي عبد الرحمن وصديقه محي الدين
تاريخ هذه الكذبة
كان شهر إبريل هو الشهر الأول في السنة الرومية ( الميلادية) حتى عام 1654م ، حينها أمر (شارل التاسع ) ملك فرنسا بجعل أول السنة شهر يناير بدل إبريل ، فكان الفرنسيون قبل ذلك يحتفلون برأس السنة في الأول من إبريل بصفته أول يوم في السنة ، وحينما جاء التقويم الجديد نُقِلت الاحتفالات والتهادي والرسائل إلى أول يناير ، لكن فريقا من المحافظين رفضوا التقويم الجديد وأصروا على التمسك بالتقويم القديم ، فاتخذهم أنصار التقويم الجديد غرضا لسخريتهم في إبريل بإرسالهم إليهم هدايا كاذبة وأخبار ملفقة ، كأنهم يحتفلون معهم بيومهم هذا على هذه الطريقة المضحكة ، فانتقل ذلك من فرنسا إلى أوربا ومنها إلى بلاد الشرق وتطورت هذه السخريات حتى تحولت إلى أكاذيب ومزاح ثم سميت ( كذبة ابريل ) هذا هو التفسير الأرجح من بين عدة تفسيرات لهذه الكذبة .
أقدم كذبة إبريلية
أول كذبة ورد ذكرها في اللغة الانجليزية في مجلة (drakes newsleiter ) ففي اليوم الثاني من إبريل عام 1698م ذكرت هذه المجلة أن عدداً من الناس تسلموا دعوة لمشاهدة عملية على الأُسُوْد في برج لندن في صباح اليوم الأول من شهر إبريل .
ومن أشهر وأظرف أكاذيب إبريل أن جريدة انجليزية هي (the eveningastar)أعلنت في مساء 31مارس 1846م أنه سيقام في صباح الغد معرض عام للحمير في غرفة الزراعة بإسْلِنْجتُن ، وفي الصباح هرع كثير من الناس إلى ذلك المكان لمشاهدة الحمير المعروضة ، وظلوا ينتظرون مدة طويلة ، لكنهم لم يجدوا شيئا حتى فهموا القصة .
حتى الإذاعة
أذاعت راديو سود الفرنسية بأن سائقي السيارات سينعمون بعفو عن نسبة كبيرة من المخالفات التي ارتكبوها شريطة إن يتم تسليم هذه المخالفات قبل منتصف نهار ذلك اليوم إلى مراكز الشرطة المعينة . وقد تزاحم على مركز الشرطة بمدينة (تولوز) عدد كبير من السائقين ، مما دفع بالمسئولين فيها إلى إجبار محطة الراديو على إذاعة خبر يكذب الكذبة .
حتى الحكومات
أعلنت وزارة الثقافة اليونانية أن علماء الآثار اكتشفوا مقبرة الفيلسوف (سقراط) وقد أمكن إقناع أمين متحف الاكروبول بالاشتراك في كذبة الوزارة حيث أدلى بتفسير مفصل على الكشف العظيم الذي قال إنه تم التوصل إليه خلال أعمال الحفر لإقامة خط جديد في شبكة مترو الأنفاق في أثينا .
يا ليت
في 1/ إبريل ....... تناقلت وكالات الأنباء أن الدول العربية توقفت عن الحرب الإعلامية فيما بينها واتفقوا على تشكيل قوة مشتركة وتوحيد الصفوف وتصفية كل المشكلات العالقة والاستعداد لتكوين جيوش موحدة ، وهذا يعني نهاية الأزمات العربية وبداية عهد جديد من الأخوة والوحدة ، لكن هذا الخبر أرعب إسرائيل فجعلها تعد العدة لمغادرة فلسطين والنفاد بجلدها قبل أن تحل عليها القارعة العربية والتي لن تحول دون وقوعها أي قوة ولو كانت الولايات المتحدة الأمريكية .
وأخيرا
كم رأينا وسمعنا لهذه الكذبة من عواقب سيئة وحقد وضغائن وتدابر بين الناس وكم جرَّت هذه الكذبة على الناس من ويلات بين الإخوة وبين أهل البيت الواحد وكم عطلت على الناس من مصالح نتيجة ذلك ، وكم أوقعتهم في خسائر مادية ومعنوية بسبب هذا التقليد المتبع من عهد قديم في معظم الدول الأوربية .
والكذب داء عظيم إذ هو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب وهو من علامات النفاق فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب .....)
والله تعالى يقول ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
ولكن ...
كل المؤشرات تشير ولله الحمد أن هذه العادة تتجه إلى الزوال في مجتمعاتنا الإسلامية ، نتيجة لانتشار الوعي الديني والتحذير المستمر للحكماء والعقلاء من الآثار الخطيرة لهذه العادة الوافدة من الأمم الأخرى ، ولقد كان الناس يعيشون ترقبا وحذر في بداية شهر إبريل من كل عام في الأعوام السابقة لتفشي الكذب في هذا اليوم خاصة بين الأصدقاء والأقارب ..... وربما يأتي اليوم الذي يتعجب فيه أبناؤنا حينما نقص عليهم أخبار ومقالب كذبة إبريل في الزمن الغابر
إن الصدق هو سر سعادة الناس وتطورهم وزرع الثقة والمحبة بينهم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الصدق طمأنينة والكذب ريبة).
موقعنا على الفيس بوك
موقعنا على الفيس بوك
ليست هناك تعليقات :